24- ســـاكن الخــلـد

ســـاكن الخــلـد
يا ساكن الخلد هل أغرتك جنتنا
فرُحت تسقي الربا سحراً وأعطارا
وتنشر الخير أنّى سرت في بذخٍ
فتملأ الأرض بالأزهار أطوارا
تنساب في رقة الأنسام لو عبقت
بالأنس أنفاسُها همساً وإِجهارا
في عنفوان تغيث الأرض من عدمٍ
ويزدهي سيرك الهَدهاد مدرارا
وماؤك الكوثر القدسيّ سلسله
فاق الجنان رياحيناً وأطهارا
سُوِّدت فوق بحار الأرض قاطبةً
وفي الخلود علوتَ الخلد أنهارا
كأنما كل ما في الكون من مِننٍ
أُعطِيتها تنثر الأثمار أمطارا
والورد يعزف في الأسحار أغنيةً
يُذيب في شهدها الأنداء أوتارا
مبارك أنت في عدوٍ وفي سيرٍ
تستبدل القفر أشجاراً وأطيارا
كم قيل فيك وصال الكل صولته
لم ينصفوك وإن صاغوك أسفارا
كل البلاغة في الأكوان لو جمعت
لما استطاعت وفاءً فيك أشعارا
فوق اللغات وفوق النجم منزلةً
ودونك الفرقد العلويّ أقدارا
والعاشقون أذاعوا فيكَ عشقهُمُ
استودعوك لهيب الشوق إعصارا
يُخفون عن كل من في الكون سرهمُ
وأودعوا قلبك المأمون أسرارا
والشط فيك منارات لمن يهوى
وثغرك الرقراق حال الكل سمارا
والفُـلك تسري بكل الحب ترقصها
فيستحيل هديل الموج قيثارا
كأنما صرت للعشاق مرفأهم
وصار وجهك للعشاق أنوارا
والساهرون على خدّيك أسكرهم
رقص الضياء على الأمواج إِسكارا
لو أسكنوك شفاف القلب ما وفوا
مازلت بالفضل عطّاء وصبّـارا
حللت منا عميق الروح أوردةً
فلن يكون جزاء الخير إنكارا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق